مبدأ حرية الإثبات في الإلتزامات التجارية


June 2012

“The principle of being free to proof in trade obligations”.

Written by Dr.Nabil farag.

 

مبدأ حرية الإثبات في الإلتزامات التجارية

يثور التساؤل حول مدى إمكانية إثبات الدعاوى والقضايا البحرية أمام المحاكم المصرية بجميع طرق الإثببات القانونية المتاحة من عدمه وهل تخضع لمبدأ حرية الإثبات القانونية المتاحة من عدمة وهل تخضع لمبدأ حرية الإثبات في الإلتزامات التجارية من عدمه، فمن المقرر قانوناً أن أنواع القضايا وتصنيفها يختلف فيما يخص انطباق قنون وأدلة إثبات أكثر شدة أما القضايا التجارية فيمكن إثباتها بطرق أخف شدة من القضايا المدنية لما لها من طبيعة خاصة، وقد ساير قانون التجارة قانون الإثبات في الأخذ بمبدأ حرية الإثبات في الإلتزامات التجارية، فيجوز إثبات المنازعات والقضايا التجارية بجميع طرق الإثبات القانونية مهما بلغت قيمة موضوع الإلتزام، ومرد ذلك ما تتميز به الأعمال التجارية من سرعة في إبرام العقود بحيث يصعب إعداد الدليل الكتابي الذي يشترطه قانون الإثبات في الإلتزامات المدنية، ذلك أن الصفقات التجارية كثيراً ما تتم شفاهة أو بواسطة التيلفون والبرق والبريد الإلكتروني E-mail ، وقد اقتضت سرعة المعاملات التجارية تخفيف الشكليات التي يتطلبها قانون الإثبات، وطرق الإثبات المقررة سواء في المواد المدنية أو التجارية هي كما يلي: (1) الكتابة. (2) شهادة الشهود. (3) القرائن وحجية الأمر المقضي. (4) الإقرار. (5) اليمين المتممة واليمين الحاسمة. (6) المعاينة. (7) الخبرة، ولأهمية هذه التفرقة يجب القول بأن الكتابة وهي أول دليل إثبات تتضمن المستندات الرسمية والعرفية، والمستندات الرسمية هي المحررة من موظفين عموميين والمختومة بخاتم النسر كالعقود الرسمية الموثقة بمكاتب التوثيق والذي أضفى عليا القانون الحجية القانونية القصوى ولايجوز نفي حجيتها إلا بالطعن عليها بالتزوير وإثبات تزويرها وهي أمور معقدة وطويلة وتشمل العقود المسجلة لملكية السفينة – Registered sale contract وعقود الوكالة المسجلة Registered Agency Contract بمكاتب التوثيق وباقي العقود البحرية الموثقة Certified martime contract والتي يتم توثيقها بمكاتب التوثيق المختلفة، ثم تليها في الحجية القانونية المستندات العرفية الموقعة من الأشخاص وهي أيضاً لها حجية قانونية ما لم ينكر صراحةً الشخص أو الشركة المنسوب إليها الختم الموجود على المستند المنسوب لها، فيشترط لإضفاء حجية هذا المستند العرفي عندئذ أن يقر بها الشخص المنسوب إليه هذا التوقيع أو الختم أو أن يناقش موضوع المستند أمام المحكمة دون إنكاره لهذا التوقيع المنسوب له فيسقط حقه عندئذ في الطعن عليه بالإنكار، أما إذا طعن الشخص أو الشركة على المستند العرفي المنسوب إليه توقيعه أو ختمه فعندئذ تحال الدعوى للتحقيق لإثبات أن هذا التوقيع يخص الشركة المنسوب لها من عدمه، ويتم فيها استكتابه ومضاهاة التوقيع والختم أمام قاضي التحقيق، وتشمل هذه المستندات العرفية كلاً من سندات الشحن Bills of Landing ، ومشارطات إيجار السفينة Charter Parties  إلى آخر هذه المستندات والعقود البحرية التي تحرر وتوقع وتختم من أشخاص وشركات وتوكيلات ملاحية إلا أنها لم توثق رسمياً بمكاتب التوثيق ولم توقع من موظفين عموميين.

والسؤال الآن: هل المنازعات والقضايا البحرية تندرج تحت القضايا المدنية فتخضع لأدلة الإثبات الأكثر شدة أم تندرج تحت القضايا التجارية فتخضع لأدلة إثبات أخف شدة نظراً لطبيعتها التجارية؟!!.

نرد بالقول: بنعم، فإن المنازعات والقضايا البحرية تندرج تحت القضايا التجارية فتخضع لمبدأ حرية الإثبات في الإلتزامات التجارية وتخضع لأدلة إثبات الأخف شدة نظراً لطبيعتها التجارية ويجوز إثباتها بجميع طرق الإثبات القانونية. فلما كان قانون التجارة قد نص على كون بعض الأنشطة بطبيعته تمد أعمالاً تجارية ومنها أنشطة الملاحة والتجارة الدولية والتأمين وعمليات الشحن والتفريغ والنقل البحري وتوريد مواد السفن إلى آخر هذه الأنشطة الأمر الذي يعتبر جميع أنشطة وأعمال التوكيلات الملاحية وشركات النقل البحري أنشطة تجارية بوجه عام وتخضع لأحكام قانون التجارة وبالتالي ينطبق عليها مبدأ حرية إثبات الإلتزامات التجارية بجميع طرق الإثبات، كما أن هذه الأنشطة والأعمال ينطبق عليها وتخضع لقانون التجارة البحري رقم 8 لسنة 1990 بشكل عام الأمر الذي تكون معه جميع القضايا والمنازعات البحرية خاضعة لمبدأ حرية إثبات الإلتزامات التجارية بجميع طرق الإثبات والنصوص عليها في المادة رقم 69 من قانون التجارة التي نصت على أنه (1) يجوز إثبات الإلتزامات التجارية أياً كانت قيمتها بجميع طرق الإثبات ما لم ينص القانون على غير ذلك. (2) فيما عدا الحالات التي يوجب فيها قانون إثبات عكس ما اشتمل عليه دليل كتابي أو إثبات ما يجاوز هذا الدليل بجميع الطرق. (3) تكون الأوراق العرفية في المواد التجارية حجة على الغير في تاريخها ولو لم يكن هذا التاريخ ثابتاً، ما لم يشترط الانون ثبوت التاريخ ويعتبر التاريخ صحيحاً حتى يثبت العكس، مما يعني أن المشرع المصري قد أعطى القضايا والمنازعات البحرية حرية الإثبات اقانونية وجواز إثباتها بجميع طرق الإثبات القانونية باعتبارها منازعات ذات صفة تجارية في الأصل فمنح لها هذه التسهيلات في الإثبات مراعاة لطبيعتها التجارية، وعليه أجاز لها إثبات الإلتزامات التجارية والبحرية أياً كانت قيمتها بجميع طرق الإثبات ما لم ينص القانون على غير ذلك، فعلى سبيل المثال فقد نصت الفقرة الأولى من المادة 60 من قانون الإثبات على أنه “في غير المواد التجارية إذا كان التصرف القانوني تزيد قيمته على خمسمائة جنيه أو كان غير محدد القيمة، فلا تجوز شهادة الشهود في إثبات وجودة أو إنقضائه ما لم يوجد إتفاق أ, نص يقضى بغير ذلك “بما يعني بمفهوم المخالفة أن الدعاوى التجارية والبحرية إذا كان التصرف القانوني تزيد قيمته على خمسمائة جنية أو كان غير محددة القيمة، فيجوز إثباته بشهادة الشهود ما لم يوجد إتفاق أو نص يقضى بغير ذلك”، وقد أراد المشرع المصري التيسير على المشتغلين بمجال التجارة والنقل البحري ومنح لهم مبدأ حرية الغثبات في الإلتزامات التجارية، وأجاز لهم إثبات هذه الإلتزامات الحرية بجميع طرق الإثبات مهما بلغت قيمة موضوع الإلتزام، لما تتميز به الأعمال البحرية بإعتبارها من الأعمال التجارية في الأصل من سرعة في إبرام العقود بحيث يصعب إعداد الدليل الكتابي الذي يشترطه قانون الإثبات في الإلتزامات المدنية، ذلك أن التصرفات البحرية كثيراً ما تتم شفاهة أو بواسطة التيلفون والبرق، وقد إقتضت سرعة المعاملات البحرية تخفيف الشكليات التي يتطلبها قانون الإثبات.

الخلاصة: إن إثبات وجود الديون البحرية يجوز إثباتها بجميع طرق الإثبات القانونية حتى لو انصرف الإثبات بالكتابة، إلا ما استثنى بنص قانوني خاص، أي أن التعاملات والتصرفات والقضايا والمنازات البحرية يخضع جميعها لمبدأ حرية الإثبات في الإلتزامات التجارية وينطبق هذا المبدأ على جميع المنازعات والدعاوى البحرية والتي يجوز إثباتها بجميع طرق الإثبات القانونية وفقاً لنصوص المواد أرقام 1 و2و4و69 من قانون التجارة.

Comments are disabled.